الجمعة، 7 ديسمبر 2012

ما وراء الشعارات : إتحاد الشغل و النهضة و الوطن و الأزمة : الظروف و الأسباب و النتائج



لا أعتقد أن في مثل هذه الأيام العصيبة على الوطن، يمكن الحديث عن شيء آخر غير
حرب بعض من يختبأ وراء قيادات الإتحاد و حكم النهضة

قبل الحديث عن الأزمة في حد ذاتها، ظروفها ، تداعياتها و المخارج المحتملة لها، أعتقد أن بعض التوضيحات و التدقيقات حول ما يروج و يروج له تستحق الوقوف عندها

الرواية الأولى هي حول غضب و إستنكار إتحاد الشغل لتدنيس ذكرى وفاة فرحات حشاد :في تاريخ تونس  لم يدنس أحد فرحات حشاد و ذكراه و موروثه، مثل ما فعل 
ذلك.. الإتحاد العام التونسي للشغل 

 جانفي 78 : آلاف المعتقلين، مئات الجرحى، عشرات القتلى بالرصاص، في تلك الأيام، عللت هذه المجزرة بالدفاع عن إستقلالية الإتحاد و العدالة الإجتماعية : مرت السنين و كتبت المذكرات ليتبين أن خلف الشعارات الرنانة، كان إتحاد الشغل مجرد وسيلة عند وسيلة بن عمار زوجة الرئيس بورقيبة في حرب دسائس في القصر ، لم يكن الإتحاد و قياداته سوى عرائس سكر في يد ممثلة إحدى أكبر العائلات نهبا : لعبت بها، فأكلتها، فرمتها!و ذهب مئات التونسيين قتلى لإرضاء عيون وسيلة : هل من تدنيس أكبر من هذا لحشاد و ذكراه؟



 الرديف 2008 : إتحاد الشغل يبيع حراك المهمشين و المفقرين، و يطرد مناظليه و يتبرأ منهم ليدخلو السجون و يمارس عليهم التعذيب في صفقة سياسوية رخيصة : هل من تدنيس أكبر من هذا لحشاد و ذكراه؟

 أكتوبر 2009 : إتحاد الشغل يناشد بن علي ليترشح لدورة خامسة في الإنتخابات و جريدة الشعب تفرد الصفحات الأولى للتطبيل و التزكير و العهر لواحد من أقسى و أبشع دكتاتوري هذا العصر، هل من تدنيس أكبر من هذا لحشاد و ذكراه؟




جانفي 2011 : ثورة شعبية عارمة، تهز البلاد من شمالها لجنوبها، قيادات إتحاد الشغل تقابل بن علي، تتبرأ من المتظاهرين، تدعم الدكتاتور و حزبه و نظامه و عائلاته التي مصت دماء الشغالين لعقود : هل من تدنيس أكبر من هذا لحشاد و ذكراه؟

الرواية الثانية هي أن الأنظمة المتعاقبة فشلت في تطويع الإتحاد! أو لا يستحون؟ ألم يكن الإتحاد لعشرين عاما أقل من عاهرة : بعد عن الشارع، تحالف على حساب العمال مع حكومة المناولة و النهب و التفقير، فساد حتى النخاع، الإشتراك في طحن المفقرين و خوصصة البلاد و بيعها بالصمت حينا و المناشدة و التطبيل أحيانا و سنينا طوال لصانع التغيير، لبن علي

نقطة أخيرة تستحق.. التهكم و الضحك : شيوعيون يتبنون و يرفعون صورة حشاد
تعودو سرقة الرموز و الصور! سأذكرهم فقط بموقف فرحات حشاد في سان فرانسسكو في سبتمبر 1951 في مؤتمر النقابات الأمريكية، أين طلب دعمها حتى لا تتسلل... الشيوعية إلى تونس

نمر إلى ظروف الأزمة

 إتحاد الشغل يطلق مبادرة
مبادرة شغلية؟ لا! عمالية؟ لا! إجتماعية؟ قطعا لا
هدف المبادرة هو بكل بساطة إدخال الباجي قايد السبسي للمشاركة في الحكم دون إنتخابات
غاية بمثل هذه الخسة كانت تتطلب جوا محتقنا، إحباطا، خوفا لتبرر ما لا يمكن تبريره بكلمات رنانة من قبيل : توافق، وفاق
الصفقة فشلت، قابلها تصعيد سياسوي، لأن الحكومة أقرت زيادات في الأجور ب6%، لا 
يستطيع إذن إتحاد الشغل المزايدة بالشغالين

لكن لنعد قليلا إلى الوراء و نحاول فهم إرتباط بعض قيادات إتحاد الشغل بالباجي قايد السبسي : مباشرة بعد الثورة كان إتحاد الشغل بقيادة عبد السلام جراد من أكبر الممولين و المحركين و الداعمين لجميع أنواع الإحتجاج على حكومة الغنوشي، الكثيرون إعتقدو أن هذه الديناميكية سببها شعور القيادات بالذنب و رغبة عن التكفير عن عهر و فساد و مناشدات سنوات

بعد سقوط حكومة الغنوشي و تولي الباجي قايد السبسي دواليب الحكم : حدثت الصفقة، الباجي يتعهد لجراد بطمس الملفات و عدم التتبع و حمايته إعلاميا و سياسيا و قضائيا، و الإتحاد يستكين و يتبرأ و يقمع كل أنواع الحراك السياسي و الإجتماعي و الثوري
نجحت الصفقة و باع قادة الإتحاد مرة أخرى و تحالف الشق الجرادي مع الباجي قايد السبسي



من جهة أخرى الكثيرون من قيادات الإتحاد اليوم في مختلف المستوايات هم من موروث نقابة التطبيل و المناشدة سنوات العهر، هم من المتمتعين بأراضي مقاسم قرطاج و أوسمة بن علي، هم "بورجوازية العمل النقابي" ساحقة "بروليتاريا النقابات" و لن تسمح بخسارة إمتيازاتها إلا ب"السلاح" و ستحمي الأوليقراشية السابقة التي وفرت لها   أسباب و ظروف هذه الإمتيازات، و من على الساحة السياسية اليوم يمثل النظام السابق، العائلات و الإمتيازات خيرا من الباجي قايد السبسي؟

ثم لا ننسى أنه في أواسط السبعينات، كان حسين العباسي، الأمين العام الحالي للإتحاد
 العام التونسي للشغل ناشطا و مكوننا سياسيا في نفس الحزب الذي كان الباجي قايد 
السبسي في أعلى هيآته السياسية




ثم بعض القيادات الأخرى لا تخفي إرتباطها مع بعض الأحزاب، إرتباط وصل إلى حد الترشح على قوائمها الإنتخابية( حفيظ حفيظ كمثال)! هذه الأحزاب لها إستحقاق إنتخابي 
قريب و كل فشل للحكومة، كل إضطراب هو في صالحها إنتخابيا 




هذه الأحزاب بينت في تاريخها المعاصر أنها إستأصالية لكل توجه يميني، و أنها لا تؤمن بحق المختلف عنها بالوجود و أنها تخير دكتاتورا على السماح بنفس يميني في البلاد

هل يعني هذا أنه لا شرفاء في قادة الإتحاد؟ بالتأكيد يوجد، لن أتوقف كثيرا على هذا، فهل أصبحنا في زمن الشرف فيه هو الخارج عن العادة و يستحق الذكر؟ أخير الحفاظ على تفائلي

نقطة أخرى قد تكون مهمة في فهم ظروف و توقيت الأزمة : وجود مشروع لمنع المنتسبين لحزب بن علي من العمل السياسي، مشروع قد يقضي على أحلام الباجي قايد السبسي و الجمهوري و المسار المتحالفة معه

نصل إلى تفاصيل الأزمة

 في كلمتين : تبادل عنف
تبادل عنف بين ميليشيات الإتحاد و ميليشيات رابطة حماية الثورة
من المضحكات، أن رابطة حماية الثورة هي وليدة.. إتحاد الشغل

بعد الثورة، إلتقت مصالح النهضة و مصالح عبد السلام جراد ضد حكومة الغنوشي، جراد ليحصل على عدم المحاسبة و النهضة لتحصل على ورقة ضغط سياسية، النهضة قدمت الرجال و الإتحاد قدم التأطير و طرق العمل و الحماية السياسية (النهضة في ذلك  الوقت لم تتحصل على رخصة بعد

وصول الباجي قايد السبسي للحكم و تأمينه لعبد السلام جراد كان من شروطه فك 
الإرتباط مع رابطة حماية الثورة
إنه إرتداد الديالكتيك لهيغل :) رابطة حماية الثورة ترتد على الإتحاد

لماذا لا أدخل في تفاصيل من ضرب من، من البادئ، ماذا تفعل الهراوات في مقر إتحاد الشغل، من حرك رابطة حماية الثورة؟ 
لأن هذه التفاصيل لا تغير من الواقع شيئا! يبقى تبادل عنف و التحقيق فيه من مشمولات القضاء، و قد فتح تحقيق في الأمر، أرى أنه من الشعبوية و السياسوية الرخيصة إستباق نتائجه و توظيفها و بناء الإستنتاجات عليها  قبل أن تخرج ! ثم  أن النتائج لن تغير شيئا : ميليشيات من الجانبين لا سبيل لوجودها أصلا تبادلت العنف

ردود أهل السياسة على الأزمة

يمكن تلخيصها أيضا في كلمتين : غياب المبدأية

النهضة التي كانت تدافع عن الإتحاد بعيد الثورة اليوم تشيطنه

الأحزاب التي مدت أيديها لحكومة فريعة و مرجان (من رموز بن علي في حكومة الغنوشي) تدافع بإستماتة عن الإتحاد بعد أن شيطنته و حاربته لما كانت أطرافا في الحكم

من كان يرى في إضراب قطاعي على خلفية إجتماعية خيانة للوطن أصبح اليوم يهلل لإضراب عام على خلفية سياسوية

مواقف تمليها السياسوية و الإنتهازية الرخيصة، مواقف آخر همومها الجوهر : مصلحة الوطن، أي دور و حد للعمل النقابي، السلم الإجتماعي.. و لا ترى إلا القشور : كيف يمكنني توضيف الأزمة لربح بعض النقاط حتى و إن كان ذلك على حساب الوطن

المواقف أيضا أصابها "الرش" في إحدى عينيها : البعض لا يرى إلا ميليشيات الإتحاد و توظيفها السياسي و البعض الآخر لا يرى إلا ميليشيات رابطة حماية الثورة و توظيفها السياسي

بعيدا عن أهل السياسة، إنقسم الشارع في مجمله قسمين : قسم ضد إتحاد الشغل دون التعمق في تفاصيل المشكل و نتائجه، و قسم مع إتحاد الشغل ببساطة لأنهم ضد النهضة

"هم لا يكرهون فكرك، هم يكرهونك أنت" 
جملة قد تلخص مواقف الكثيرين من المصطفين وراء إتحاد الشغل في تجمد فكري و غوغائية و التلويح بشعارات مستهلكة و "تكفير بالعمال و العمل النقابي" كل من يتجرأ على طرح الأسئلة، إتحاد الشغل هو فقط ضد النهضة هذا كاف، الباقي مجرد تفاصيل 

"أنصر أخاك ظالما أو مظلوما"
 تلخص طريقة تفكير الكثير من أنصار النهضة، ينصر النهضة ثم يبحث عن أبعاد و تداعيات المشكل، هذا إن كلف نفسه عناء البحث أصلا

نصل إلى الدعوة للإضراب العام

إتحاد الشغل في الأصل وجد للدفاع عن العمال و حقوقهم، لكن من سخرية القدر أنه بالدعوة للإضراب العام يتحول العمال و الكادحون لدرع لمنظمة ساهمت في سحقهم و إفتكاك حقوقهم لسنوات طوال، يكفي التذكير أن المقاهي المحيطة بمقر الإتحاد في العاصمة، المقاهي التي يشرب فيها النقابيون قهوتهم الصباحية، المقاهي التي تربط النقابيين صداقة مع أصحابها و لا يدفعون ثمن القهوة غالبا، لا يتمتع فيها العمال بأبسط حقوقهم من تغطية إجتماعية و غيرها.. و لم يحرك حامو العمال ساكنا! القهوة أغلى من المبادئ، اليوم يطلب النقابيون من هؤلاء العمال الإضراب و خسارة أجر يوم يقتطعونه من خبز أبنائهم للدفاع عنهم! أ وليس القدر ساخرا حين يريد؟

ثم المشكلة سياسية بالأساس! سب رئيس النهضة الإتحاد؟ سبوه! لديكم مشكل سياسي مع النهضة؟ حلوه سياسيا! ما دخل العامل و الفلاح و الطالب و المفقر في أموركم السياسية؟ إلى متى يظل وقود حرب يدفع ثمنها من قوته و لن يجني منها شيئا! حرب لوجود الإتحاد؟ ماذا فعل له الإتحاد لعشرين عاما غير المشاركة في تفقيره و إستغلاله، أحيانا فقط مقابل قهوة مجانية؟

ثم تبادل العنف من إختصاص القضاء و قد أقر حسين العباسي بوجود تحقيق، فلماذا أخذ 
قرار بهذا الحجم قبل وصول نتائج التحقيق




الدعوة للإضراب العام هي توريط للحكومة  لكن الحكومة أخذت موقف في صف الإتحاد و بعيد عن الإصطفاف الحزبي بشهادة نجيب الشابي نفسه، فلماذا إذن الإصرار على توريط الحكومة أصلا و هي قد ترفعت عن الصراع؟

ثم أن الإضراب العام هو عقاب للوطن، للتونسيين جميعا، عقاب جماعي لا مبرر له! ما ذنب التونسيين في مهاترات سياسوية؟

الإضراب العام على خلفية سياسية يحول إتحاد الشغل إلى حزب سياسي، ذو مواقف سياسية و حزبية، حتى أن بعض قياديه قالوها علنا : نعم الإتحاد قريب من بعض الأحزاب و هذا موجود في دول عديدة أخرى

تحت بورقيبة و بن علي كان من الممكن فهم تسييس إتحاد الشغل : الفضائات السياسية مغلقة و الهيكل الوحيد لبعض حرية الحركة هو الإتحاد
حرية الحركة السياسية في الإتحاد دفع ثمنها العمال، كان ثمنها السكوت عن حقوقهم و الصمت عن سحقهم لا بل و المشاركة في ذلك

اليوم، الحرية السياسية مكفولة، فإلى متى على العمال دفع هذا الثمن؟

ثم أن تسييس الإتحاد بالمعنى الحزبي له تداعيات خطيرة : هو يعني أنه من حق كل حزب إذن أن تكون له نقابته، و لكل نقابة ميليشيتها، لتتحول تونس إلى لبنان سنة 1974 : كل توجه سياسي له ميليشيا إستعدادا لحرب يكون وقودها العمال! أم أن تسييس النقابة و العمال بالمعنى الحزبي حكر على طرف دون طرف؟

ثم فلنفترض جدلا أني منخرط في إتحاد الشغل، و إنخراطي ناتج عن إيماني بقيمة العمل النقابي و دوره في ضمان حقوقي
اليوم الإتحاد يستعملني و يستعمل إنتمائي له ليأخذ مواقف سياسية، أو ليست هذه سرقة؟ ما أدراه أني أوافق على موقفه السياسي؟

إستغل الإتحاد منتسبيه لعشرين سنة فقط لتسمن أرصدة قياداته البنكية، اليوم إذا ما أراد الإتحاد لعب دور حزبي، فإحتراما لمنتسبيه عليه أن يكف  عن إستغلالهم و يقدم برنامجا حزبيا سياسيا عليهم، حين يوافقونه عليه يصبح له الحق للحديث السياسي بإسمهم

ثم فلنأتي إلى مطلب الإتحاد لإلغاء الإضراب : حل رابطة حماية الثورة لسبب تكوينها 
لميليشيات

من ناحية شكلية هو طلب تعجيزي! رابطة حماية الثورة جمعية إذا لا يمكن حلها إلا بأمر من القضاء، دعوة الإتحاد لتدخل سياسي للضغط على القضاء هو أمر غير مقبول شكلا

هل حن قياديو الإتحاد لأيام القضاء لعبة في يد بن علي؟ هل هذا تصورهم لتونس؟ هل هذه مساهمتهم في بناء الإنتقال الديمقراطي : الدعوة لتدخل التنفيذي في القضائي؟

 ثم لنفرض جدلا أن أمر رابطة حماية الثورة رفع للقضاء، أو ليس تعيين أسبوع فقط قبل 
الإضراب، أسبوع للتحقيق و الإتهام و الحكم و الدفاع و الإستئناف هو من باب التعجيز؟

 أن هذا المطلب هو فقط لتغطية عين الشمس بغربال، فقط لإعطاء صورة واهية أنه يمكن تفادي الإضراب في حين أن من يرفع هذا المطلب هو يريد الوصول للإضراب مهما كان الثمن

من ناحية سياسية، هل من الصدفة أن يكون المطلب هو نفس مطلب حزب الباجي قايد السبسي؟ هل من الصدفة أنه بعد أن رمى "مناظلو" إتحاد مهني (إتحاد الفلاحيين) المولوتوف على مجموعة من أنصار رابطة حماية الثورة و تسببو في قتيل و ثمانية حرقى حروقا خطيرة، و بعد أن نادى حزب الباجي قايد السبسي الذي تبين أن من رمى و خزن المولوتوف من قياداته بالجهة (في إختلاط واضح بين العمل المهني النقابي و المسؤولية الحزبية) حل رابطة حماية الثورة، أن يتبنى الإتحاد نفس 'المطلب الجاهز"؟

ثم من ناحية منطقية، إذا كان السبب للمطالبة بحل رابطة حماية الثورة هو تكوينها لميليشيات، فهذا أيضا ينطبق على إتحاد الشغل! هو أيضا له ميليشيات مدفوعة الأجر و حتى الهراوات تشترى من ميزانية الإتحاد! فالمنطق يقتضي إذن بحل ميليشيات الطرفين



كيف سيكون المخرج من هذا المأزق؟

أعتقد أن ردة الفعل بهذا العنف مردها هو عقاب النهضة على إفشال مبادرة الإتحاد التي كان هدفها إرجاع الباجي قايد السبسي للحكم دون إنتخابات، التهدأة إذن ثمنها ، و خلافا 
للشعارات الرنانة هو إعادة فرض هذه المبادرة

أعتقد أننا سنصل إلى الإضراب، إلا إذا لمس قياديو الإتحاد أن إمكانية فشله كبيرة و لن يجد صدى في الشارع، أو إذى إرتفع صوت القواعد في الإتحاد، حينها قد يختبؤون وراء 
كلمات كمصلحة الوطن



إذا وصلنا للإضراب، فقد نشهد حرب شوارع! قالها عدنان الحاجي : سننجح الإضراب و لو بالقوة و سنمنع فتح المحلات :قد نسير حثيثا نحو حرب شوارع بين ميليشيات الإتحاد لفرض غلق المحلات و ميليشيات رابطة حماية الثورة لفرض فتحها

 سيناريو كارثي، يستدعي منقذ : رشيد عمار و بيانه رقم واحد إن كانت الغلبة لميليشيات رابطة حماية الثورة أو الباجي قايد السبسي(و لو بعد حين، عبر إضعاف الحكومة و المساومة على قانون منع المنتسبين لحزب بن علي من العمل السياسي) إن كانت الغلبة لميليشيات الإتحاد.. الذي سيفرض إذا مبادرته..بالقوة
 أو ربما ضغط و تدخل خارجي لحل الأزمة  و هذه من سخرية القدر فالإتحاد تحت حشاد كان هدفه محاربة الإستعمار و التدخل الأجنبي، اليوم البعض ممن يرفعون صوره 
و يتشدقون بذكراه قد يكونون مطية لهذا التدخل




و النهضة في كل هذا؟ هل هي الملاك الطاهر الضحية المسكين؟ قطعا لا! النهضة لم تحسن التواصل و لا الحكم و لا المناورة و لا كسب الأصدقاء و لا تحييد الأعداء، تصرفت بصفاقة و صلف و تعال بعيد الإنتخابات، مزقتها حرب الأجنحة، غابت عنها الرؤية و التصورات، بعد أشهر الصلف و موتو بغيظكم إنساقت نحو محاولة إرضاء الجميع فخسرت الجميع، غابت عنها الشجاعة السياسية و تجانس القرار، هي فقط تحصد نتائج عدم خبرتها السياسية و غياب نظرتها المتجانسة للحكم و عدم مواجهة نفسها لفصل صراع الأجنحة داخلها، صراع الأجنحة الذي منعها من الوضوح و كبلها عن أخذ المواقف و عن الحكم بفاعلية


قد يفهم قارئ المقال أني معاد للعمل النقابي و حقوق المفقرين و الكادحين(تهمة جاهزة لكل من يشكك في الإضراب و يحاول ربط ما يحدث بمنطق سياسي لا يقتصر على حدود الحدث، بل يرى ما سبقه و يستشرف ما ورائه): الحقيقة عكس ذلك تماما

شخصيا أعتقد أن فاقد الشيء لا يعطيه، إذا كان الإتحاد يريد أن يعيد الإعتبار لحشاد و صوره و ذكراه، عليه أن يبدأ بنفسه : يحاسب فاسديه، يعيد أراضي مقاسم قرطاج التي تسلمها قياديوه هدايا من بن علي إلى الشعب، يفتح أرصدة قيادييه البنكية للتدقيق، يراجع بيروقراطيته المقيتة و الثقيلة، يعتذر عن سنوات المناشدة، عن تزكيته لبن علي لدورة خامسة، يبني إتحادا يفخر به حشاد، يكون همه الشغالين و حقوقهم و دفع التدخل الأجنبي و المصلحة العليا للوطن، لا أن يدعو لإضراب عام لأسباب سياسوية في شعب نصفه لا 
يشتغل أصلا و نصفه الآخر يتظاهر بالشغل منذ عامين